لم تكن إعاقته يوماً ما عائقاً أمام طموحه ليكون إنسانا متفردا، ورغم صغر سنه، إلا أن إرادته الفولاذية قهرت ظلام الدنيا فى عينيه، ومن قلب الصحراء الغربية من واحة الخارجة بالوادى الجديد صمم هذا الطفل النابغة على أن يكون فى المقدمة، ليحصد المركز الأول على مستوى الجمهورية فى الشهادة الابتدائية الأزهرية.
التقينا الطفل كريم ممدوح محفوظ إبراهيم التلميذ بمعهد التعمير الابتدائى الأزهرى، والذى حصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية فى نتيجة الصف السادس الابتدائى الأزهرى بنسبة 99.78%، والذى يعانى من إعاقة بصرية ولد بها لم تمنعه من حفظ القرآن كاملا فى سن الرابعة، وبدأ تفوقه يظهر تدريجيا حتى حقق هذا النجاح.
وقال كريم: "الفضل يعود لله أولا ثم لأبى وأمى فهما اللذين منحانى كل الرعاية والحب، ويدعمانى طول الوقت، ولقد وفقنى الله فى دراستى حتى حققت هذا المركز، وأهدى هذا التفوق لهما ولأساتذتى وكل من دعمنى، وأنا بفضل الله أستطيع التعامل مع الحاسب الآلى، وأداوم على قراءة القرآن، وأتمنى أن أكون مفسرا للقرآن الكريم فى المستقبل".
وفى سعادة بالغة قالت والدة كريم السيدة محاسن حامد السيد موظفة بالمنطقة الأزهرية بالخارجة "أنا سعيدة بما حققه ابنى الذى رزقت به بعد فترة طويلة من إنجاب بنتين تخرجا من الكلية الآن، وأن الله عوض كريم فقدان بصره بصيرة نافذة وإمكانية هائلة على الحفظ والاستيعاب، ولقد نقلت عملى من الشئون الاجتماعية إلى الأزهر لأكون بالقرب منه، وأتابعه فى دراسته، وأدعو الله أن يوفقه لما فيه الخير".
وعبر والد كريم وهو يعمل وكيل مدرسة الثانوية الفنية بالخارجة (هذا اليوم هو أسعد أيام حياتى رغم أنى لم أحضر للاحتفال مع أسرتى بسبب ظروف انتدابى للمراقبة خارج المحافظة بالامتحانات، ولكن أعيش تلك اللحظات معهم بقلبى وروحى، وكان إحساسى بأن ابنى كريم لديه عزيمة وإصرار على التفوق، وكنت دائما ما أشجعه أنا ووالدته، وأتمنى أن يستمر على هذا النهج".